بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
- كتاب: الآداب المرضية لسالك طريق الصوفية.
- تصنيف: محمد بن أحمد البُوزيدي المستغانمي.
- مراجعة وتحقيق: د. عاصم إبراهيم الكيالي الحُسيني الشاذُلي الدرقاوي.
- الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان.
- رقم الطبعة: الأولى.
- تاريخ الإصدار: 2006م.
- حالة النسخة: مفهرسة [العناوين الرئيسية].
رابط التحميل
حول الكتاب:
كتاب تناول أهم الآداب التي يجب أن يتمتع بها السالك لطريق الصوفية، وذلك لبلوغ وتحقيق مقام الإحسان، يقول الإمام العلامة ابن عجيبة رضي الله عنه في كتابه الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية:
قد رفضوا الآثامَ والعيوبا ***وطهَّروا الأبدانَ والقلوبا
وبلغوا حقيقة الإيمان *** وانتهجوا مناهج الإحسان
وهو المنهج أو الطريق الذي يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به سبحانه وتعالى، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأرجاس وتحليته بذكر الله، أو ما يُسمى (بالتخلية والتحلية )، فبعلم التصوف يُتوصل إلى قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة.
وهذا المنهج استمد أصوله وفروعه من الكتاب والسنة النبوية واجتهاد العلماء، كعلم الفقه الذي له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده جيلاً بعد جيل حتى جعلوه هو الآخر علما كغيره من العلوم الأخرى سموه بـ علم التصوف، أو علم التزكية، أو علم الأخلاق، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية للإمام ابن عطاء الله السكندري وقواعد التصوف، للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري ...وغيرها.
وقد خص الإمام عبد الواحد ابن عاشر في منظومته الشهيرة [المرشد المعين للضروري من علوم الدين] فصلا كاملا عن التصوف سماه بـ "كِتَابُ مُبَادِىءِ التَّصَوُّفْ وَهَوَادِي التَّعَرُّفْ".
يقول رضي الله عنه:
وتَوْبَـةُ مـنْ كُلِّ ذَنْـبِ ِ يُجْتَرَمْ *** تَجِـبُ فَوْراَ َ مُطلقاَ َ وَهْيَ النَّـدَمْ
بِشَرْطِ الإقـلاعِ وَنَفْيِ الإصـرارْ *** وَلْـيَتَلاَفَ مُمْـكِناَ َ ذاَ استغفـارْ
وَحاصِـلُ التَّقْوى اجتنابُُ وامتثالْ *** في ظـاهِرِ ِ وبـاطنِ ِ بِذَا تُنالْ
فجاْءت الأقْسـامُ حـقاَ ََ َ أرْبَعَـهْ *** وهـيَ للسّـالِكِ سُبْـلُ الْمَنْفَعَـهْ
يـَغُـضُّ عَيْنَيْهِ عَـنِ الْمَحارِم ِ*** يَكُـفُّ سَمْـعَهُ عَـن الْمآثِمِ
كَغـيبَةِ ِ نَمـيمَةِ ِ زورِِ ِ كَـذِبْ *** لسانُهُ أحْـرىَ بِتَـرْكِ ما جُلِـبْ
يحْفَـظُ بَـطْنَـهُ مِـنَ الحـرامِ *** يَـتـرُكُ مـا شُـبِّـهَ باهْتِمَـامِ
يَـحْفَظُ فَرْجَـهُ وَيَتَّقي الشَّهيـدْ *** في الْبَطْشِ والسَّعْيِ لِمَمْنوعِ ِ يُريـدْ
وَيُـوقِفُ الأمـورَ حـتَّى يَعْلَـمَا *** مـا اللهُ فيهِـنَّ بِـهِ قَـدْ حَكَـمَا
يُطهِّـرُ الْقَـلْـبَ مـنَ الرِّيَـاء *** وَحَـسَـدِ ِ عُـجْبِ ِ وَكُـلِّ دَاءِ
وَاعْلَـمْ بِأنَّ أصْـلَ ذي الآفـاتِ *** حُـبُّ الرِّيـاسـةِ وَطـرْحُ الآتي
رَأْسُ الخَـطَايا هُوَ حُبُّ الْعاجِلَـهْ *** لَيْسَ الدَّوَا إلاَّ في الاضْـطِرارِ لَـهْ
يَصْحَبُ شَيْخـََا عَارِفَ الْمَسالِكْ *** يَقيــهْ في طـريقِـهِ الْمَهَالِـكْ
يُذْكِــــرُهُ اللَّــهَ إذَا رَآهُ *** وَيُـوصِـلُ الْعَبْـدَ إلى مَـوْلاهُ
يُحَاسِـبُ النَّفْسَ عَلَى الأنفـاسِ *** وَيَـزِنُ الْخاطِـرَ بالقُسْطــاسِ
وَيَحْفَظُ الْمَفْـروضَ رَأسَ الْمال *** والنَّفْــلُ رِبْحُهُ بِهِ يُوَالِي
وَيُكْثِرُ الذِّكْـرَ بِصَفْـوِ لُبّـــِهِ *** وَالْعَوْنُ في جَميـعِ ذَا بِرَبِّـــهِ
يُجاهِدُ النَّفْسَ لِرَبِّ الْعالَمينْ *** وَيَتَحَـلَّى بِمَقَامـاتِ الْيَقيــنْ
خَوْفُ ُ رَجَا شُكْرُ ُ وَصَبْرُ ُ تَوْبَــهْ *** زُهْدُ ُ تَوَكُّـلُُ ُ رضَـا مَحَبَّــهْ
يَصْدُقُ شَاهدَهُ في الْمُعامَلَهْ *** يَرْضَى بِـما قَـدَّرَهُ الإلَهُ لَـــهْ
يَصيرُ عِنْدَ ذَاكَ عَـارِفًَا بِــــهِ *** حُرََا وَغَيْرُهُ خَلاَ مِنْ قَلْبهِ
فَحَبَّهُ الإلهُ وَاصْطَفَاهُ *** لِحَضْرَةِ الْقُدُّوسِ وَاجْتَبَاهُ
ويقول الإمام عبد الوهاب الشعراني: «إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون».
*.*.*
ويليه ديوان العارف بالله سيدي محمد البوزيدي المستغانمي¹، ويليه ديوان "آيات المحبين في مقامات العارفين"للعارف بالله تعالى سيدي عدة بن تونس المستغانمي.
[¹] المستغانمي نسبة إلى مدينة مستغانم الجزائريّة، واحدة من أعرق المعالم في شمال أفريقيا، وهي المدينة العربية الوحيدة التي يمر بها خط غرينتش، وخط غرينتش هو خط افتراضي لحساب التوقيت، سمي بذلك لأنه يمر بمدينة غرينتش في لندن، وهو يقسم الكرة الأرضية إلى قسمين شرقي وغربي، وهنالك 360خط طول، 180خطا شرق خط غرينتش، و180خطا غربه.
تقع مستغانم غرب الجزائر، وتطل على البحر المتوسط، ويقال إنها أقرب مدينة جغرافيا من أوروبا، حيث لا تبعد إلا بنحو 150كم عن الشواطئ الإسبانية.
ويعود تاريخ إنشاء مستغانم إلى العهد الروماني، وكانت تسمى «كارتينا»، وفي القرن الحادي عشر غير اسمها إلى موروستاغ، وفي 1516 أصبحت المدينة تحت سيطرة القائد البحري التركي الشهير خير الدين بربروس، الذي اتخذها مركزا لعملياته في البحر الأبيض المتوسط، وفي الوقت نفسه مرفأ تجاريا، وبحلول 1700أصبحت المدينة تحت سيطرة العثمانيين، قبل أن تسقط عام 1832في يد الاحتلال الفرنسي حتى استقلال الجزائر عام 1962.
وللإشارة، فقد ذكر العلامة والمؤرخ ابن خلدون مستغانم في كتابه «تاريخ ابن خلدون»، وفي فصل تحت عنوان «الخبر عن انتزاء الزعيم ابن مكن ببلد مستغانم». يذكر أن ابن خلدون كان قد أقام لفترة غير بعيد عن مستغانم بمنطقة فرندة (بولاية تيارات)، حيث كتب مقدمته الشهيرة.