Quantcast
Channel: مدونة برج بن عزوز
Viewing all articles
Browse latest Browse all 601

ترجمة الولي الصالح سيدي الحاج بن شرقي

$
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 


الولي الصالح سيدي الحاج بن شرقي (1831- 1922م):


-اسمه، وأصله و نسبه الشريف:

هو محمد و لقبه بن شرقي بن سيدي قدور بن سيدي قويدر بن الحاج لحسن يرتبط نسبه بسيدي أحمد بن عبد الله الذي يقـع ضريحه شرقـي مدينـة الشلف وينتهي نسبه إلى الحسن بن علي بن فاطمـة الزهراء بنـت سيّدنا رسول صلى الله عليه وآله وصحبه و سلم.

- تاريخ ميلاده:

ولد رضي الله عنه بتاريخ تقديري 1239هجرية الموافق لـ:1831ميلادية ببلدية واد الروينة - زدين - ماتت أمه وهو صغير فتولى أبوه تربيته فحفظ القرآن الكريم على والده برواية ورش ثم حج أبـوه الحجةالثانيةومات بالبقاع المقدسة وعمره أنذاك 17سنة .

-تعليمه:

لما أتم حفظ القرآن الكريم جاء به أبوه من قرية زدين ووضعه في أحضان المربي الصالح العارف بالله الفقيه الشيخ سيدي محمد الفقيه بلعربي وهذا بعد وفاة أمه وعزم أبيه على السفر لأداء فريضة الحج فلم يجد في القوم رجلا أمينا على ابنه مثل الشيخ الأكبر الفقيه بلعربي فنهل منه العرفان والعلوم وقرأ عليه القرآن بالروايات 21سلكة، وتاقت نفسه بعد ذلك إلى العلم والمعرفة فتتلمذ على يد الشيخ سيدي الحاج جيلالي بن المكي من أبناء عمومته فحفظ متن الشيخ خليل في الفقه والسنوسية في العقائد ثم ساح من مسقط رأسه غربا فساقه القدر إلى حيث ضريحه الآن على ضفاف نهر الشلف ببطحاء العطاف، فحل بالمكان الذي كان به الشيخ الذي يتصل نسبه هو الآخر بسيدي أحمد بن عبد الله المذكور سابقا، فانضم إلى طلبته حيث كان الشيخ يحفظ القرآن على الروايات السبع فختم عليه عشريـن ختمة رغم أنه جاء حافظا من قبل.

~~~

كان خلالها يخدم شيخه ويقوم بحاجته داخل المنزل وخارجه، ولصفاء سيرته وحسن سلوكه زوجه إحدى بناته وهي السيدة عودة التي ولدت له علماء أولهم سيدي الحاج محمد الشارف والسيد الحاج بلعربي، ولمّا دنا أجل الشيخ الفقيه بلعربي أوصى تلميذه الشيخ بن شرقي على عائلته وأولاده القصَـر آنذاك فكان نعم الوصي والحافظ للوصاية والرعاية إلى أن بلغوا الرشد وسعـى إلى تعليمهـم وتفقيههم ثم زوجهم وأفردهم بسكن وحدهم، وبوصية من شيخه أصبح يُشرف على طلبة القرآن الكريم منذ حياة شيخه الذي قدمه على سائر طلبته فكانت وصايته وتقديمه انفتاحا على أفق آخر، أفق الأسرار والأنوار الربانية فذاع صيته في ربوع الأقطار لمّا كان يتحلى به من الورع والتقى والعفة والزهد.

~~~

فعظمة الشيخ بن شرقي في الزهد والبذل للفقراء والمساكين كانت تملأ الزمان والمكان، بما لا نظير له في زمنه فما يزيد طعامه وإطعام أهله إلا على ما وجد ما يسد الرمق، والملبوس الخشن رغم ما كانت الهدايا تفد عليه من كل ناحية بأنواع الملبوسات الحريرية والأطعمة الشهية فيحرم نفسه وأهلـه ويقدمها للأرامل واليتامى وذوي العاهات خصوصا في سنين المسغبة.

~~~

لقد كان يصوم النهار ويقوم الليل ويفطر على خبز الشعير ويختم القرآن الكريم كله في نفله ليلا كل ليلة، فلا مكان في حياة الترف عنده ولا مباهجها ولا مكان للقاعات المفروشة ولا للزرابي المبثوثة ولا للنمارق المصفوفة ولا للأكواب الموضوعة، فكان عبدا ربانيا يقف عند الأثر: أزهد ما في أيدي الناس يحبك الناس، فلم يثبت مطلقا أنه كان يزور تلاميذه وأتباعه رغم محاولتهم ذلك.

~~~

كان شاذلي الطريقة، أخذها عن أشياخه الذين عاصروه، أمثال الشيخ سيدي عدة غلام الله، والشيخ الميسوم والشيخ محمد بن أحمد وكفى بهم من رجال علم الظاهر والباطن.

- مواقفه:

لما جاءت حملة الراهب لفيجري عام 1872لتمسيح الأهالي وتنصيرهم وشرع في بناء قرية: سان سيبريان - يخصها للأيتام المتنصرين وأسكنها عائلات منهم ومنحهم أراض فلاحية، شعر الشيخ بالخطر الذي يحدق بالإسلام والمسلمين ففتح الزاوية لاستقبال الفقراء والمساكين والمهاجرين بحثا عما يسد به جوعهم، فعلم الجاهل وأدخله الجامع مع طلبته لحفظ القرآن الكريم، وكان إذا جمع الطالب وألمَ بشيء من الفقه قال له: "أسـرع إلى أهلك وافتح محلا اجمع فيه أبناء قريتكم قبل أن يلحقهم التنصير".

والفضل ما شهدت به الأعداء، رسالة كتبها راهب هذه القرية إلى رئيسه - لويس 14- يشكوه الشيخ ليقول له: "إني بليت بشخص اسمه بن شرقي كل ما أبنيه بالنهار يهدمه بالليل" والرسالة هذه وقف عليها المحافظ الوطني لجبهة التحرير بعين الدفلى (السيد قاسة عيسى) لما مر على قرية الشيخ بن يحي (سانت مونيك) سابقا قال: "كان من المفروض أن تسمى قرية الشيخ بن شرقي لأنه هو الذي حارب حملة التنصير".
 
 صورة نادرة لأقدم مسجد بالعطاف بناه سيدي بن شرقي سنة1900م
 
وللشيـخ بن شرقي مواقف جليلة في نشر تعاليم الإسلام فما بناء مسجد العتيق بالعطاف إلا بأمر لما كان يتسوق سوقه يوم الأربعاء وتجمع حوله الجموع الغفيرة فيذاكرهم ويرشدهم فجمع له مرة مقدارا من المال فامتنع من قبوله وأعطاه لأحد الحاضرين وقال له: "اشتروا به أمتارا من الأرض في هذا المكان وابنوا فيه بيتا يصلون فيه المتسوقين ويبيتوا فيه أفضل من العراء" ذلك لأن الاستعمار كان يقصد الأسواق ويغري المنكوبين والفقراء ويجرهم إلى النصرانية، وهكذا طلـب من أتباعه ومحبيه أن يسعوا إلى فتح بيت للصلاة وقراءة القرآن في كل من وادي الفضة والعبادية وواد روينة، وجاء زائر له من تيسمسيلت آنذاك و قدم مقـدرا من الذهب ليستعين به فسأله الشيخ ما كان معه و قال له: "ابن بهذا مسجدا ورتب فيـه طلبة لتعليم القرآن والدين"، فكان عند حسن الظن فباع جزءا من أملاكه العقارية  ورتب فيه طلبة وشيخا لتعليم القرآن والعلم وأسماه "جامع سيدي بن شرقي" وهو معروف إلى الآن بهذا الاسم.

- كراماته:

أما كرامات الشيخ فهي كثيرة ومتواترة لا نريد التعرض لها لأن الشيخ رحمه الله كان يمنع التحدث بها وكلنا يعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:"إن لله رجالا لو أقسموا على الله لأبرهم".

لقد حاولت فرنسا أن تدفع الشيخ للوقوف إلى صفها بإغرائه ببناء صور يقي الزاوية من فيضانات نهر الشلف في فصل الشتاء وربط الزاوية بالتيار الكهربائي الذي كان يمر بها فلم يقبل بذلك وجاءه قسيس "سان سيبريان " يقول له: "إن فرنسا تطلب منك الأمر أن تساعدك فيما تحتاج إليه" فقال الشيخ: "أريد المساعدة في قول:لا إله إلا الله محمد رسول الله "، إشارة إلى وقوفه ضد ما يريدونه من طمس الوطن ومسح الإسلام منه وأنه واقف لهم بالمرصاد.

ومما جاء على لسان أحد مريديه مشيدا بنفحات الشيخ بن شرقي رضي الله عنه قائلا:

      "شيخنا هذا طبيب ***يبري من كان فيه العيب
      يسقي للمحب حليب ***نظرته ترياق
      يا من ترد القـرب ***زور الشيخ المربي
      صاحب العلم الوهب ***وأستاذي بن شرقي"

وكـان للشيخ رحمه الله و رضي عنه وأرضاه مريدوه من كل الجهات منهم علماء بارزون وفقهاء مشهورون أمثال الشيـخ سيد الحاج أحمـد الفقيه وأخيه السيد الحاج علـي وكذا الشيـخ البوعبيدي والشيخ الحيـاوي والشيـخ سي الحاج الجيلالي عتبة والشيخ سي بلحاج ببلدية عريب والشيخ سي بن أحمد ببلدية بوراشد والشيخ البوعبدلي من بطيوة بالغرب، والشيخ النداتي من بلدية عين الدفلى، هذا في المحيط القريب وكان له مريدون في أرجـاء واسعة من الوطـن في معسكر وشرشال و العاصمة..

-آثاره:

أمـا بالنسبـة لآثـاره فقد رفـض رضي الله عنه أن يقال عنه أو يكتـب عنه شيء أيام حياته، وكثيرا ما كان يقول: "والله لا أملك شيئا و ما أنا إلا واحد من عامة الناس"، شأنـه في ذلك قول الصالحيـن القائلين: "وأمرت أن أكون من المسلمين و أن أتلو القرآن"، وهذا هو دأبه رحمه الله ورضي عنه.

- وفاته:

تــوفي رحمه الله ورضي عنه في أواخر شهر ديسمبر 1922ميلادية عن عمر ناهز التسعين أفناه في خدمة الله والوطن وعامة الناس خاصة ضعفاؤهم فخلف جيلا من الأتباع المريدين والمحبين وأبناء علماء مكنوا لهذا الدين في هذا البلد الأمين على مر السنين.

فرحمه الله و أسكــنه فسيح جناته آمين.

~~~

للترجمة مصادرها ومراجعها

Viewing all articles
Browse latest Browse all 601

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>